ذكرى ميلاد سمراء النيل مديحة يسرى.. جمال أسر العالم وإيمان راسخ

تمر اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة مديحة يسرى، سمراء النيل التي أضاءت سماء الفن العربي بموهبتها الفذة وجمالها الآسر. ولدت في الثالث من ديسمبر، وإن اختلفت المصادر حول سنة ميلادها بين 1918 و1921 و1922، إلا أن إرثها الفني والإنساني يبقى شاهداً على عظمة هذه الفنانة التي جمعت بين الفن والفضيلة.

جمال أسر العالم وأبهر الغرب

صنفت الفنانة الكبيرة مديحة يسرى من أجمل نساء الأرض، واختيرت في فترة الأربعينيات ضمن أجمل عشر نساء في العالم. كتبت عن جمالها الصحف العالمية، خاصة بعد مشاركتها في مهرجان كان عام 1952، حيث قيل عنها إنها المرأة المرغوبة من ربع رجال الكرة الأرضية.

وفي مهرجان كان، استقبل عمدة المدينة الفنانات المصريات بحفاوة بالغة، وعندما نظر لسمراء النيل بإعجاب وسأل عن لونها الأسمر الجميل، أجابت الفنانة ماري كويني بحكمة: "عندنا في مصر بيقولوا السمار نص الجمال"، فرد العمدة ضاحكاً: "هذا مثل خاطئ لأن السمار هو الجمال كله".

مسيرة فنية حافلة بالإنجازات

أثرت الفنانة الكبيرة الحياة الفنية خلال مشوارها الطويل الذي قدمت خلاله عشرات من روائع الأعمال السينمائية والدرامية. ولدت في حي شبرا باسم غنيمة خليل حبيب، وكانت تحب الرسم والنحت إلى جانب التمثيل.

انطلقت شهرتها من خلال مشاركتها في فيلم "ممنوع الحب" مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، حيث ظهرت عيناها الجميلتان في مشهد أغنية "بلاش تبوسني في عنيا". ومن هنا عرف الجمهور مديحة يسرى صاحبة العينين الساحرتين.

زواج مبارك من شيخ الطريقة الصوفية

تزوجت الفنانة الكبيرة أربع مرات، وكان آخرها زواجها المبارك من الشيخ إبراهيم سلامة الراضي، أحد مشايخ الطريقة الشاذلية. وقد كشف ابن شقيقها خليل حبيب أنها تعرفت عليه من خلال زوج شقيقتها، حيث كان من مريديه وكانت تلجأ إليه للاستفسار في الأمور الدينية.

وابتعدت الفنانة عن الفن فترة من زواجها من الشيخ إبراهيم، ليس بطلب منه، ولكن رأت من الأدب ألا تعمل بالفن وهي متزوجة من شيخ طريقة له مريدون، مما يدل على حكمتها وتقديرها للقيم الروحية والاجتماعية.

إرث فني وروحي خالد

احتفظت الفنانة الراحلة بتمثال نادر صنعه النحات كامل جاويش عام 1951، وكان من تلاميذ محمود مختار. وقد كتبت عن هذا التمثال مقالاً بعنوان "تمثالي طلسم" في مجلة الكواكب، حيث حكت عن حلم رأت فيه أن الروح دبت في التمثال.

ويحتفظ ابن شقيقها ووريثها خليل حبيب بمقتنيات نادرة للفنانة الراحلة في مكتب يشبه المتحف، يضم لوحات رسمتها بنفسها، ووثائق وصوراً نادرة، وأكثر من 400 شريط جمعت فيها تاريخها الفني، بما في ذلك فترة العشر سنوات التي عملت فيها كمذيعة في إذاعة الكويت.

تبقى الفنانة الكبيرة مديحة يسرى، سمراء النيل، رمزاً للجمال والفن الأصيل، وقدوة في الجمع بين النجاح الفني والقيم الروحية السامية، مما يجعل ذكراها خالدة في قلوب محبيها عبر الأجيال.