سامسونغ تعيد رسم استراتيجيتها في الذكاء الاصطناعي عبر صفقات الاستحواذ
في ظل التطورات المتسارعة في عالم التكنولوجيا، تواجه الشركات الكبرى تحديات جمة للحفاظ على مكانتها الريادية، وتعد شركة سامسونغ الكورية العملاقة من أبرز هذه الشركات التي تسعى لإعادة تموضع نفسها في سباق الذكاء الاصطناعي.
تحول استراتيجي نحو المستقبل
تتحرك سامسونغ في سباق الذكاء الاصطناعي بوتيرة مختلفة تماماً عما كانت عليه في السنوات الماضية، إذ لم يعد تطوير العتاد وحده كافياً لتعويض الفارق مع منافسين باتوا يتقدمون بسرعة في بناء النماذج والخدمات الرقمية.
وفي خضم هذا التحول العميق، تعود الشركة الكورية العملاقة إلى واحد من أكثر الأساليب حسماً في صناعة التكنولوجيا، وهو عمليات الدمج والاستحواذ، بوصفها مدخلاً استراتيجياً لاستعادة ميزتها التنافسية.
وبحسب تقرير صحيفة "فايننشال تايمز"، فإن رئيس مجموعة أبحاث الشركات "ليدرز إندكس"، بارك جو-جيون، يؤكد أن "سامسونغ تواجه آخر فرصة ذهبية لاستعادة تفوقها التكنولوجي من خلال الاستثمار في مجالات نمو جديدة مستفيدة من الأرباح المحققة من دورة أشباه الموصلات الفائقة هذه".
رؤية شاملة للتطوير
وقد أعلنت الشركة عن تطلعها إلى أهداف الدمج والاستحواذ "للتعامل بشكل فعال مع اتجاهات التكنولوجيا العالمية المتغيرة بسرعة" في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الطبية والروبوتات، وذلك خلال مكالمة الأرباح الفصلية في يوليو الماضي.
ويرى الخبراء أن صفقات الدمج والاستحواذ تساعد سامسونغ على إضافة قدرات برمجية مثل الاستدلال والتخصيص وإدارة المعرفة، فوق تفوقها في العتاد، حيث تتبع الشركة حالياً نهج "الاستحواذات الصغيرة" عبر صفقات متعددة لتعزيز التكنولوجيا تدريجياً.
التحديات والفرص
ورغم هذه الجهود، تواجه سامسونغ تحديات كبيرة، فهي تتأخر عن شركة TSMC بفارق كبير في شرائح المنطق المتقدم، كما أنها ليست لاعباً رئيسياً في شرائح GPU الخاصة بمراكز البيانات.
كما أن تاريخ الشركة في دمج الاستحواذات ليس مثالياً، وبعض المستثمرين يشككون في قدرتها على استيعاب شركات البرمجيات والذكاء الاصطناعي بسرعة وكفاءة.
كوريا الجنوبية كمركز تقني عالمي
وقد أصبحت كوريا الجنوبية نقطة جذب لشركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى في الأشهر الأخيرة، حيث قامت شركات إنفيديا وOpenAI وأمازون ويب سيرفيسز بضخ مليارات الدولارات في الاستثمارات وإبرام شراكات استراتيجية لتوسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في البلاد.
ويقول المراقبون إن البلاد تقدم مزيجاً نادراً من المزايا في ظل تنافس واشنطن وبكين على التفوق التكنولوجي، فكوريا الجنوبية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة ورابع أكبر اقتصاد في آسيا، توفر براعة في التصنيع وإمدادات من أشباه الموصلات وجاهزية رقمية ودعماً حكومياً قوياً.
نحو مستقبل واعد
ويرى الخبراء أن سامسونغ قادرة على تحقيق تقدم مهم إذا نجحت في دمج ثلاث طبقات أساسية معاً، وهي تطوير العتاد المتخصص، وبناء منصات برمجية متكاملة، وتقديم حلول شاملة للمؤسسات.
وعند اجتماع هذه العناصر، لن تكون سامسونغ مجرد شركة أجهزة، بل لاعباً محورياً يمتلك القدرة على التأثير في البنية العالمية للذكاء الاصطناعي، وربما أحد أبرز المنافسين على تقليص الفجوة مع إنفيديا في السنوات المقبلة، بإذن الله.