مولد نووي مفقود في الهيمالايا يثير مخاوف بيئية وأمنية
في إطار الصراع الخفي للحرب الباردة، شهدت قمم جبال الهيمالايا المهيبة حادثة خطيرة تلقي بظلالها على البيئة والأمن حتى اليوم، وتذكرنا بأن التدخل البشري في الطبيعة قد يحمل عواقب وخيمة بإذن الله.
مخطط استخباراتي محفوف بالمخاطر
في منتصف الستينيات، وبعد تفجير الصين قنبلتها النووية الأولى عام 1964، سعت الاستخبارات الأمريكية لرصد الأنشطة النووية الصينية عبر زرع جهاز تنصت يعمل بالطاقة النووية على إحدى قمم الهيمالايا الشاهقة.
تحت ستار بعثة علمية وهمية، انطلق فريق من متسلقي الجبال بقيادة الكابتن الهندي إم. إس. كوهلي في سبتمبر 1965 لتسلق جبل ناندا ديفي، حاملين معهم مولداً كهربائياً نووياً من طراز "SNAP-19C" يزن 23 كيلوغراماً ويعمل بنظائر البلوتونيوم.
قدر الله وإرادة الطبيعة
في السادس عشر من أكتوبر 1965، هبت عاصفة ثلجية عاتية أجبرت الفريق على الانسحاب الفوري لحماية الأرواح. اتخذ الكابتن كوهلي قراراً حكيماً بتأمين الجهاز النووي على حافة جليدية، آملاً في العودة لاحقاً لاسترداده.
لكن مشيئة الله كانت غير ذلك. عند عودة فريق آخر في ربيع 1966، لم يجدوا أي أثر للحافة الجليدية أو الجهاز، حيث ابتلعها انهيار جليدي هائل، مخفياً سراً خطيراً لأكثر من عقد.
كشف الحقائق والتداعيات
لم تُكشف تفاصيل هذه الحادثة إلا في أبريل 1978 عبر تحقيق مجلة "أوتسايد"، مما أثار فضيحة سياسية في الهند وكشف مستوى التعاون السري بين الاستخبارات الأمريكية والهندية.
تظهر الوثائق المرفوعة السرية أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الهندي مورارجي ديساي عملا معاً للتكتم على الحادث.
مخاوف بيئية مستمرة
يشكل الجهاز المفقود مصدر قلق بيئي مستمر، حيث يخشى العلماء من أن يؤدي ذوبان الأنهار الجليدية بسبب تغير المناخ إلى تحرير المواد المشعة وحملها عبر الرواسب إلى نهر الغانج، شريان الحياة لمئات الملايين.
كما يثير وجود البلوتونيوم، وهو مادة سامة للغاية قد تسبب السرطان، مخاوف سكان القرى المحلية الذين يبحثون عن صلة بين الفيضانات المفاجئة والأمراض الغامضة في منطقتهم.
دروس وعبر
تبقى هذه الحادثة شاهدة على مخاطر التدخل البشري غير المحسوب في الطبيعة، وتذكرنا بأن الحكمة الإلهية في خلق التوازن الطبيعي تفوق كل المخططات البشرية. إن الاستقرار والأمان يأتيان من احترام حدود الله والعمل ضمن إطار القيم الأخلاقية السليمة.
حتى اليوم، ترفض حكومتا الولايات المتحدة والهند التعليق رسمياً على هذه الحادثة، التي تبقى إرثاً من الغموض والخطر يترصد البشرية من أعماق الجليد، مذكرة إيانا بأن العواقب الوخيمة للأعمال المتهورة قد تظهر بعد عقود.