تحقيق استقصائي: عودة ممارسات السجون وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا الجديدة
كشف تحقيق استقصائي لوكالة رويترز البريطانية عن تطورات مقلقة في الوضع الأمني والحقوقي في سوريا، حيث أشار التقرير إلى إعادة تشغيل عدد من مراكز الاحتجاز السابقة وممارسات مثيرة للجدل في التعامل مع المحتجزين.
إعادة تشغيل مراكز الاحتجاز
يشير التحقيق إلى أن الإدارة الانتقالية السورية أعادت تشغيل ما لا يقل عن 28 مركز احتجاز، بعد أن تعهد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بإغلاق السجون سيئة السمعة في ديسمبر 2024.
وتشمل هذه المراكز سجون كفر سوسة والخطيب والمزة، وحتى بعض المرافق في إدلب، حيث يحتجز فيها حاليا ما لا يقل عن 829 محتجزا أمنيا وفقا للتحقيق.
تنوع المحتجزين والاتهامات
يؤكد التقرير أن عمليات الاحتجاز طالت مختلف شرائح المجتمع السوري، بما في ذلك:
- مئات من العلويين بعد أحداث الساحل السوري في مارس الماضي
- أفراد من الطائفة الدرزية والقبائل البدوية عقب اضطرابات الجنوب السوري
- مواطنون من مختلف الطوائف بتهم متنوعة تشمل الارتباط بالنظام السابق
- نشطاء حقوقيون ومواطنون مسيحيون
ادعاءات حول ممارسات الاحتجاز
تضمن التحقيق شهادات من عائلات سورية تتحدث عن ممارسات مثيرة للجدل داخل مراكز الاحتجاز، وطلب فدى مالية تتراوح بين 500 و90 ألف دولار للإفراج عن المحتجزين حسب وضعهم الاجتماعي.
كما أشار التقرير إلى وقوع 11 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز، من بينها التاجر المسيحي ميلاد الفرخ البالغ من العمر 59 عاما، الذي توفي في سجن كفر سوسة في سبتمبر الماضي.
موقف الحكومة الانتقالية
بررت وزارة الإعلام السورية هذه التطورات بضرورة ملاحقة المتورطين في جرائم النظام السابق وملء الفراغات الأمنية، مؤكدة اتخاذ إجراءات تأديبية ضد 159 عنصرا، منهم 84 للابتزاز و75 للعنف.
وأعلنت الوزارة عن إصدار مدونة سلوك جديدة، مشيرة إلى أن سجن عدرا يضم حاليا 3599 سجينا، منهم 439 محتجزا أمنيا.
التفاعل الدولي والشعبي
يستمر التضارب على الصعيد الدولي، حيث تتمسك الإدارة الأمريكية بدعم الشرع كشريك استراتيجي، بينما يواجه مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان صعوبات في توثيق الأعداد الحقيقية.
وشهدت المناطق الساحلية مظاهرات للعلويين في 25 نوفمبر الماضي للمطالبة بالكشف عن مصير المفقودين، ما يعكس استمرار التوتر الشعبي حول هذه القضية.
تحديات الانتقال والاستقرار
تطرح هذه التطورات تساؤلات جدية حول مسار الانتقال في سوريا وقدرة الإدارة الجديدة على تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، خاصة في ظل التنوع الطائفي والإثني في البلاد.
إن الحفاظ على الاستقرار وسيادة القانون يتطلب نهجا متوازنا يضمن حقوق جميع المواطنين ويعزز الثقة في المؤسسات الجديدة، بما يخدم مصالح الشعب السوري ويحقق تطلعاته في الأمن والكرامة.