مساعي الوسطاء لإنقاذ اتفاق السلام في غزة وسط تحديات متصاعدة
في ظل مشهد معقد يتزاوج فيه التصعيد العسكري مع الجمود السياسي، تبقى غزة عالقة بين هدنة مفخخة وأزمة إنسانية خانقة. وسط هذا المناخ المتوتر، تتواصل المساعي السياسية للوسطاء الدوليين لإنقاذ اتفاق السلام، قبل أن تنزلق الأوضاع مجدداً نحو سيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات.
موقف قطري حازم تجاه الانتهاكات
حذرت دولة قطر الشقيقة من السماح لإسرائيل بعرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق تحت ذرائع واهية، مؤكدة في بيان رسمي أن السلام المستدام يتطلب الالتزام ببنود الاتفاق كاملة وليس انتقائيتها. وأشارت الدوحة إلى أن الهدف الآن هو الحفاظ على الهدنة بما يكفي للتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق الاستقرار المنشود في المنطقة.
إحباط فلسطيني من عجز الوسطاء
كشفت مصادر في حركة حماس وعدة فصائل فلسطينية عن حالة إحباط متزايدة لدى قياداتها، بسبب ما تصفه بـ"عجز الوسطاء عن إلزام إسرائيل ببنود الاتفاق"، مقابل تصعيد ممنهج يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض.
وأشارت المصادر إلى أن إسرائيل تتصرف وفق أهوائها، وتسعى لإظهار أنها فوق القانون وغير قابلة للضغط أو الالتزام بأي تفاهمات، وهو ما يتجلى في تكثيف الخروق اليومية للهدنة واستمرار التصعيد العسكري في عدة مناطق من القطاع.
حكمة المقاومة في تجنب الحرب
رغم شعور الفصائل الفلسطينية بأن صبرها بدأ ينفد تجاه استمرار الخروق، إلا أن هناك إجماعاً داخل مستوى القيادة وحتى لدى القواعد الشعبية على ضرورة تجنب العودة إلى مربع الحرب. هذا الموقف الحكيم ينبع من الحرص على عدم انهيار الهدنة وعودة العمليات الواسعة التي ستكلف غزة ثمناً إنسانياً باهظاً.
وأوضحت المصادر أن المقاومة قادرة على الرد، لكنها تدرك أن إسرائيل تحاول جرها لاستئناف الحرب بما يضمن بقاء حكومة نتنياهو، لذا تفضل التمسك بالمسار الدبلوماسي ومراقبة تحركات الوسطاء.
التحديات أمام المرحلة الثانية
فيما يخص الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، أشارت المصادر إلى أن حماس أبلغت الوسطاء بأنها لا تعارض هذه الخطوة، لكنها ترى أن "العقدة الأساسية لدى إسرائيل" تكمن في ربط الانتقال بعدة شروط معقدة.
تسعى الحركة لعقد اجتماع وطني فلسطيني شامل بمشاركة فتح والسلطة وباقي الفصائل للوصول إلى توافق حول القضايا الملحة. وتعمل القاهرة على الترتيب لهذا الاجتماع، لكن مشاركة فتح لا تزال غير مؤكدة.
الوضع الإنساني المتردي
على الصعيد الإنساني، أكدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومنظمة يونيسف أن الوضع لم يشهد أي تحسن يذكر رغم مرور أسابيع على سريان وقف إطلاق النار. لا يزال إدخال المساعدات الإنسانية عند الحد الأدنى، بينما تقتصر غالبية الشاحنات الداخلة على التجارة الخاصة.
حذرت يونيسف من أن فصل الشتاء يفاقم انتشار الأمراض وسوء التغذية، خاصة مع وجود أكثر من 9300 طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد.
خلاصة
تبقى الحاجة ماسة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية لضمان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بصورة كاملة وعادلة. إن الاستقرار في غزة يتطلب التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف ببنود الاتفاق، وعدم السماح لأي طرف بالتلاعب أو المماطلة على حساب المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق.