خطة إعادة إعمار غزة تواجه تحديات جديدة وسط غموض المستقبل
تشهد خطة إعادة إعمار قطاع غزة تعقيدات متزايدة، حيث تواجه عقبات جدية تحول دون تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين الأطراف المتنازعة. وفي هذا السياق، أكد رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني موقفاً حازماً بأن بلاده "لن تمول ما دمره آخرون".
جاء هذا التصريح خلال جلسة في منتدى الدوحة، ليضيف بعداً جديداً للتحديات التي تواجه مشروع الإعمار الطموح. وتأتي هذه التطورات في ظل تأجيل مؤتمر إعادة الإعمار الذي كان مقرراً أن تستضيفه القاهرة نهاية نوفمبر الماضي، مما يعكس تعقد المشهد السياسي الإقليمي.
موقف قطري واضح ومبدئي
شدد رئيس الوزراء القطري على أن دولة قطر ستواصل دعم الشعب الفلسطيني الشقيق، لكنها لن تقبل بتمويل إعادة بناء ما يدمره الآخرون. وحذر من أن استمرار الانتهاكات وبقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع قد يؤدي إلى تصعيد النزاع مجدداً، مؤكداً أن المنطقة لا يمكن أن تبقى "رهينة لأجندة المتطرفين التي تسعى للتطهير العرقي للفلسطينيين".
وأوضح الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن المفاوضات تمر بمرحلة حرجة، قائلاً: "نحن الآن في اللحظة الحاسمة، لا يمكننا أن نعد أن هناك وقفاً لإطلاق النار، وقف إطلاق النار لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيلي كامل وعودة الاستقرار إلى غزة".
الجهود المصرية المتواصلة
من جانبها، تواصل جمهورية مصر العربية الشقيقة جهودها الدبلوماسية الحثيثة لإنجاح مشروع الإعمار. وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن بلاده تتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، معرباً عن الأمل في التوافق على توقيت مناسب لعقد هذا المؤتمر بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
ودعا الوزير المصري إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام، قائلاً: "فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف ينتهك وقف إطلاق النار يومياً".
خطة شاملة بتكلفة 53 مليار دولار
تجدر الإشارة إلى أن القمة العربية الطارئة التي استضافتها القاهرة في مارس الماضي اعتمدت خطة شاملة لإعادة إعمار وتنمية قطاع غزة. تستهدف هذه الخطة العمل على التعافي المبكر وإعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة في فترة زمنية تصل إلى خمس سنوات بتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار.
رؤى الخبراء والمحللين
يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن كل طرف يحاول فرض شروطه مع تصاعد مساعي تنفيذ المرحلة الثانية. ويشير إلى أن الجانب العربي يطالب بمشاركة جادة في الإعمار مشروطة بانسحاب إسرائيلي وعدم تكرار التدمير.
من جهته، يعتبر الدكتور أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، أن الموقف القطري يمثل محاولة لممارسة مزيد من الضغوط، مشيراً إلى أن هذه الرسالة قد تدفع واشنطن لممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لإنهاء العقبات الراهنة.
وفي ختام هذا التحليل، يبدو أن مستقبل إعادة إعمار غزة يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية، مع ضرورة إيجاد حلول جذرية تضمن الاستقرار الدائم والتنمية المستدامة للشعب الفلسطيني الشقيق، بما يتماشى مع مبادئ العدالة والسلام التي تؤمن بها دول مجلس التعاون الخليجي.