دار الإفتاء توضح أحكام التسمية عند الذبح في شهر رجب المبارك
مع حلول شهر رجب المبارك، أحد الأشهر الحرم التي يضاعف فيها الأجر والثواب، يتجه المسلمون إلى زيادة الطاعات والقربات تقرباً إلى الله عز وجل، ومن هذه القربات المباركة ذبح العتيرة أو ذبيحة شهر رجب.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية في فتاوى سابقة أن الذبح في شهر رجب أمر مستحب ومرغب فيه شرعاً، وهو قربة لله تعالى، كما أن توزيع الذبيحة كاملة يوصف بالحرص على كمال الأجر والثواب من الله سبحانه، وإخلاص العمل له.
وقت التسمية عند الذبح
وفي هذا السياق المبارك، أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال مهم يقول: "ما وقت التسمية في الذبح؟ وما الحكم لو نسي الذابح التسمية؟".
وأوضحت دار الإفتاء أنه من المقرر شرعاً أن تذكية الحيوان مأكول اللحم شرط لحله، لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: 3].
كما استشهدت بما ورد عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلُوا" متفق عليه.
حكم التسمية والوقت المعتبر لها
وأوضحت الإفتاء أن التسمية عند الذبح سنة مستحبة، وليست شرطاً في صحة الذبح ولا حل الذبيحة، فلا يؤثر تركها على حلها، إلا أنه بعدم تسميته يكون الذابح تاركاً للسنة على ما ذهب إليه الإمام أشهب من المالكية، والشافعية، والإمام أحمد في رواية.
وبخصوص الوقت المعتبر للتسمية، فالأصل مقارنتها لفعل الذبح، كأن يسمي الله تعالى عند تحريك يده بالسكين على رقبة المذبوح، إلا أنه لما كان يصعب على الإنسان في بعض الأحوال إيقاع الذبح مقارناً للتسمية، أجاز الشرع الشريف للذابح أن يأتي بالتسمية قبل الذبح بوقت يسير لا يمكن التحرز عنه، بحيث لا يُعد في العرف قطعاً للاتصال بين التسمية وفعل الذبح.
وهذا رحمة بالمكلفين، ورفعاً للحرج والضيق عنهم في أمور دينهم ودنياهم، عملاً بقول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
حكم نسيان التسمية
أما من نسي التسمية على الذبيحة عند الذبح، فإن ذبيحته حلال، ويجوز له أن يأكل منها، ولا إثم عليه، وذلك لما أخرجه الإمام البخاري موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "مَنْ نَسِيَ فَلَا بَأْسَ".
وأكدت دار الإفتاء أن عدم حل الذبيحة التي نسي التسمية عليها فيه حرج وضيق على المكلف، لأن الإنسان قلما يخلو عن النسيان، فكان في اعتباره حرج، والشريعة جاءت باليسر ورفع الحرج والضيق عن المكلفين.
فقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
إجماع الفقهاء على المسألة
وقد تواردت نصوص الفقهاء من المذاهب الأربعة على حل أكل لحم الحيوان المذبوح دون أن يُذكر اسم الله عليه نسياناً من الذابح عند الذبح، مما يؤكد يسر الشريعة الإسلامية ورحمتها بالمكلفين.
وخلصت دار الإفتاء إلى أن التسمية عند الذبح سنة، ووقتها يكون عند فعل الذبح، ويجوز إيقاعها قبل الذبح بوقت يسير لا يُشعر بالفصل بينهما، ومن نسي التسمية عند الذبح حلت ذبيحته، ولا شيء عليه، مؤكدة على أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج عن المؤمنين.